السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً وقبل البدء بالمشاركة نرحب بعودة الغالي أبو عبدالله وبزاويته الإسبوعية
ونشكر الأخ محمود أبو عمر قيادته دفة الحوار لهذا الموضوع المهم بحياتنا الاجتماعية
وأنا أقول يا أبو عمر العنوسة هي نتيجة حتمية سببها الأساسي أو الذي أوجدها
هو العزوف عن الزواج وأسمحوا لي أن أستعرض هذه الحالة مروراً بكثير من النقاط
التي تم ذكرها من بعض الأخوان قبلي :
العزوف عن الزواج...
¤ يقول الله عز وجل: "سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون" ويقول في موضع آخر: "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رجالاً كثيرا ونساء"؛ وهناك آيات قرآنية كريمة أخرى تدل قطعا على أن الزواج سُنة عظيمة من سنن الخالق البارئ في هذا الكون الفسيح تهم جميع الكائنات الحية وجميع العوالم سواء عالم الإنسان أو الحيوان أو النبات. إن الزواج نعمة ربانية لا يعرف مقدارها إلا المتزوجون فهو يحفظ الغريزة الجنسية من الانطلاق بدون قيد، ويضبط الاتصال بين الرجل والمرأة على أساس ميثاق غليظ تحفه شروط معينة ويرنو إلى أهداف نبيلة لا يمكن أن تتحقق إلا عن طريق الزواج فقط. وهكذا فالعزوف عن الزواج بالنسبة للرجل الأمر الذي يفضي حتما إلى العنوسة لدى المرأة يمكن اعتباره حياداً عن السبيل السوي والفطرة الإنسانية الطبيعية. وهذه العنوسة صارت ظاهرة ولا يمكن وصف الإعراض عن الزواج إلا بالإعراض عن سنة إلهية عظيمة. فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأبي الزوائد: "إنما يمنعك من الزواج عجز أو فجور".
¤ أسباب العزوف عن الزواج: إنها أسباب عديدة تلك التي تؤدي إلى عزوف الشباب عن الزواج وإلى العنوسة لدى المرأة ، وهذه الأسباب يمكن تقسيمها إلى أسباب أخلاقية وأسباب اجتماعية واقتصادية وأسباب ثقافية.
¯ بالنسبة للأسباب الأخلاقية، لا أحد منا سينكر الفظائع الأخلاقية التي تشاهد يوميا في شوارعنا ومؤسساتنا وقنواتنا الفضائية ووسائل إعلامنا. لقد صارت الكثير من الفتيات هداهن الله مبتذلات في طريقة لباسهن وفي مشيتهن وكلامهن. إن خروج المرأة حاليا كاسية عارية لا تضع حسابا لأحد ولا تكترث لكلام ولا لنصائح أحد، والانحلال الخلقي الذي صار من الأسباب الجوهرية المباشرة التي تؤدي إلى عنوسة هذه المرأة نفسها. فهل من المنطقي وهل من المعقول أن يُقْدم شاب عاقل على الزواج من فتاة لا تخرج إلى الشارع إلا متعطرة عارية الصدر والذراعين والسيقان ومتشبهة بالرجل؟ طبعا لن يقدم على الزواج عليها أي شاب يبحث عن الدين في الفتاة ، وقد يقبل بها من في قبله زيغ أو مرض أو شبهة.
¯ بالنسبة للأسباب الاجتماعية فهي كثيرة وهي المهيمنة على باقي الأسباب: مثلا عطالة الشباب آفة اجتماعية خطيرة من أول نتائجها عدم قدرة الشاب الراغب في تأسيس عش هانئ مع زوجته على الزواج، بل إن الشاب العاطل عن العمل إذا ما تزوج سيكون قد ولج مغامرة قد تعصف بحياته الزوجية. والزواج يشترط أولا القدرة على النفقة، لأن تكاليف الزواج وأعباء الحياة ليست باليسيرة أبداً. فكيف لشاب دَرسَ حتى أنهكته سنوات الدراسة وتخرج وحصل على شهادة عليا فلم يجد شغلا قارا وكريما يوفر له أجرا ثابتا أول كل شهر: كيف له أن يدفع المهر ويؤسس عش الزوجية وينفق المال على زوجه حتى لا يعرضها للضيق أو مد اليد للتسول والذل؟. كما أنه من الأسباب الاجتماعية الأخرى التي تفضي حتما إلى ظاهرة العزوف عن الزواج لدى الشاب ولدى الفتاة معا: ارتفاع مقدار المهور والنفقات وتزايد متطلبات الحياة. إن ارتفاع قدر المهور صار للأسف العميق موضة هذا الزمن، فعند كثير من الناس، ارتفاع المهر دليل على رغبة الزوج في الفتاة وعدم تخليه عنها، بل إن هذه الظاهرة الغريبة أضحت شرطا أساسيا عند بعض الأسر لتزويج بناتها دليلا على رفعتهن وقدرهن، ونسي هؤلاء قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة" وقوله أيضا: "يمن المرأى خفة مهرها ويسر نكاحها وحسن خلقها وشؤمها غلاء مهرها وعسر نكاحها وسوء خلقها". وما أعظم دلالات هذا النص النبوي الشريف. وفي رأينا، الرفع من قيمة مهر المرأة يشبه المساومة فيها كأنها بضاعة أو سلعة تباع وتشترى. والرجل إن هَمَّ بالزواج فاعترضه شرط المهر المرتفع لا شك أنه سيتراجع إلى الوراء معرضا عن هذا الزواج.