المُنعطف الفلسطيني الخطير " الفخ "

[أيهم المحمد]

تمرّ القضية الفلسطينية هذه الأيام بمنعرج استراتيجي خطير و حاسم يمسّ مستقبل القضية الّتي اتفق العالمين العربي و الإسلامي أن يجعلاها بوصلة لأي تحرّك دولي و إنساني، و جعلها العالم الغربي مؤشراً لمدى القدرة على السيطرة على الشرق بامتداداته العربيّة و الإسلاميّة

ولعلّ ما تمر به المنطقة العربية من تغيّرات جيوسياسية قد أرخت بظلالها على العجلة التي يدار بها استحقاق دولنة قضية فلسطين و جعل ما تمّ تحصيله باتفاقات الذلّة أو ما تركته الدولة الصهيونيّة من فتات للعرب هو الحلم و الغاية الكبرى و الانتصار الأعظم

منذ زمن و نحن نحذر ضميرنا العربي من خطورة تناول العسل المسموم دسّاً لأنّ الاعتراف بدولة فلسطين على حدود ما يسمى بخط الرابع من حزيران من عام 1967 ليعدّ في وجهة نظري هو قعر الانحطاط العربي و تكرار لخديعة التقسيم في الإربعينيات من القرن الماضي المتولّدة على مؤامرة بيكو سايس أو سايس بيكو

نقوم لنصحو و نعود لنسقط في نفس الحفرة و نقع في نفس المصيدة، فالاعتراف بدولة فلسطين بعد انكشاف العري العربي لهو فضيحة الفضائح و مصيبة المصائب و نائبة النوائب

أذكر تماماً كيف احتدم النقاش بيننا في الماضي حول أهمية الاعتراف بدولة فلسطين عندما بادرت دول أمريكا اللاتينية بذلك، و أنا على يقين تمام أنّ ما حصل جاء بالتنسيق التامّ مع الرغبات الصهيونية بتمييع قضية فلسطين وجرّها للفخ و وضعها في عنق الزجاجة

الواقعية و البرغماتية مع عدو كهذا و عالم متآمر كهذا ضرب من ضروب " الغباء " و " الحمق " - اعتذر لكن لا يوجد وصف عادل غير الذي ذكر - و ترانا نلهث لانتزاع اعتراف دولي بأحقية و شرعية المطلب الفلسطيني و العربي بدولة قائمة مجاورة لدولة الكيان الصهيوني الغير معترف عليها شعبياً في غالب الشعوب العربية و الإسلامية

أنا اعتبر كل اعتراف بدولة فلسطين هو خنجر في ظهر العروبة و الإسلام قبل أن يكون في صدور أولئك المعذبون و المهجّرون من ديارهم، و إن تخلّى عنها أهلها فأعلموا أن مصيرنا مرتبط عضوياً بمصير أرض فلسطين

لا مكان للواقعية و البراغماتية في عالم اليوم لأن خيارات العالم من حولنا محدودة و حاسمة، و الأولى بنا أن نحسم خياراتنا بأن فلسطين كل فلسطين هي فلسطين فالوقت يداهمنا و يبدو أنّهم يستعجلون و يستغلّون التيه والتوهان الحاصل