صيد السمك بواسطة الشباك ..بقلم إبراهيم القاضي

[محمود المشعان]

من تراث الفرات

صيد السمك بالشباك

ذكرني هذا المقطع بأيام صيد سمك المشط ،في قريتنا ، بعد نشوب الحرب في بلادنا وتوقف الحياة بكل مفاصلها ، لم تكن لنا أعمال سوى أن نذهب إلى نهر الفرات لممارسة هواية صيد السمك
وأعترف أنني لست من الصيادين المهرة ،لكنها كانت هواية مسلية بعد أن قتلنا الملل والضجر في بيت والدي رحمه الله تعالى، حيث لافلاحة ولازراعة سوى بعض الأعمال البسيطة هنا وهناك
كنا نذهب إلى مكان يكثر فيه سمك المشط برفقة أخي الأصغر ( زكريا) وكان عندنا شبكة صيد مهترئة قديمة لايتجاوز طولها عشرين مترا وكان ينزل النهر سابحا لمسافة ايضا عشرين مترا ويسبح لمسافة ليست بطويلة فيخرج بعدد لابأس به من أسماك المشط الفراتي طيب ولذيذ الطعم
ازدادت شهيتنا وولعنا بالصيد فاشتريت شبكة ( أربعاوية)
أي قياس فتحاتها (4)
وكانت خضراء اللون مستعملة لكنها جيدة ليست فيها عيوب كثيرة
وكذلك شبكة صيد قياس (3)
ثلثاوية زرقاء اللون
كنا نستخدمها ( قطع) أي نقطع بها جزءا من ردة أو خليج مثلما يسمونه
قمنا بعدها بتفصيل ( طرادة) من الحديد ، كطرادات ( المنصورة) وهي في مدينة الرقة السورية وهذه الماركة مشهورة جدا عند الصيادين ، وكانت تصنع من الحديد وتصبغ باللون الاحمر أو تصنع من التوتياء وتسمى ( مزيبقة)
كانت واحدة منها عند الصياد الشهير أبي نزار من آل عزيز الناصر وكان صيادا محترفا ويتقن جميع أنواع الصيد
من أفضل الطرادات التي استخدمتها مرة في حفر ( الباكر) في حويجة المريعية
وبالمناسبة طالما أنني ذكرت اسم ذلك الصياد فلابد من ذكر البقية الذين كانت لهم براعة شديدة في الصيد وكانوا ( مرزوقين ) وأصحاب حظ وتوفيق فيه
كان المرحوم توفيق الدبلان أبو سفيان وابن عمتنا زوبع الرمضان الليلي العنزي من ( السبعة)
وكذلك أولاد العم أحمد المسعود الجاسم ( عطية أبو زياد ومحمد وحمود )
كذلك حماده الجاسم ابن عطية المسعود و عبد الكرابي ومحمد العطية ابو عواد والصياد والمجذف البارع لافي أبوحيدر وحمود الاحمد المسعود
وكانوا صيادين ماهرين جدا ومرزوقين
كان زكريا يشتري منهم السمك جملة ويبيعه بالمفرق على المياذين أو فيما بعد على أبناء القرية قبل أن تنزح نحو مناطق أكثر أمنا
كانوا يأتون بالصيد صباحا ومعهم سمك ( الحنكليس) وهي المسماة بالعامية ( نص حية ونص شبوط)
ولحمها لذيذ جدا ( شويا)
مع اشتداد المعارك على جبهة المطار وترك سكان القرية لبيوتهم ، لم يعد هناك سوق لتصريفه
اشترينا شبكة قياس 28نسجها علي أبو محمد وكان نساجا ماهرا في صناعتها
كان( المطواف ) يبدأ من بداية الحويجة التي تقع مقابل أرض سرحان غرب ( مطور شحاذة العبيد) غرب الروفة
والمسافة كانت قصيرة جدا بمحاذاة القصب ( الزل)
لكنها موطن للسمك هناك ، نمد الشبكة من شاطئ الحويجة الصغيرة باتجاه شاطى ارض سرحان حتى الزل ونجذف ببطء محاذين لانسيابها وقبل أن نصل الى الروفة نبدا بجمعها حتى لاتعلق بين ثلاث صخور ( سطمات) هي مناصب لمحركات المياه قبل أن يأكلها ( الهداد) كانت المياه صافية ويكاد قاع النهر يظهر للعيان والسبب توقف معامل السكر والورق عن العمل ولان تلك المعامل كانت تصب نفاياتها في نهر الفرات
بل أنه بعد نشوب الحرب بأربع سنوات وبسبب هجرة أغلب سكان المدينة لبيوتهم انخفضت نسبة التلوث في نهر الفرات وصفت المياه حتى أنني عندما حاولت أن أسحب ( مطور المي) العائد للمطر البو شلهوم كنت أراه على عمق مابين ستة أو سبعة أمتار بل قد سحبته حوالي مترا واحدا لكن الحبال تقطعت لانه كان لايزال مع ( سطمته) وقد مضى على سقوطه في النهر أكثر من ثلاثين عاما بعد فيضان ضرب حويجة ( أم الطك) وانهار من على الجرف
علما أنني في هذه المحاولة لم أنجح بسبب عدم وجود حبال متينة جدا أو ( كبال) خفيفة ومتينة
ولما كان عندي تلك الكبال استطعت سحب ثلاثة دراجات نارية من قاع النهر على بعد حوالي 110 أمتار عن الشاطىء وعلى عمق حوالي 12مترا
كذلك استخرجت ( طرادتي ) التي غرقت مقابل سياط ( مشرف المطر) من جانب الحويجة الكبيرة على بعد 15 مترا وعلى عمق 6أمتار
وهذه لم أستخرجها لوحدي للأمانة بل الفضل الأكبر كان لأولاد السياد عطية ومحمد وولد الجارالله ولبسام العلي الشفيق وكثيرين
كنا حوالي 15 رجلا وسحبناها بعد أن ألقيت عليها ( خطافا) كمرساة السفينة ومع ( سيخ بناء) طوله 12مترا معقوف من بدايته استطعنا سحبها
وكما وعدتكم سنتكلم عن ذلك في منشور قادم
من الصيادين القدامى المشهورين ( أسود الحطاب ) من البو حمدان البقارة
وعبد الفتاح ابو طه من الجيس ( قيس)
وكذلك الصياد الشهير ( كنش) وهو من الحميدات ومن اولاد الحترة
وهناك الصياد الشهير (،خضر العذمة ) من حطلة ولقبه ابو الياس
وكذلك الصياد الشهير ( محمد الفياض الحمادي ) من خشام من الزيد
وتربطنا معه صلة قربى
ازداد ولعنا بالصيد كثيرا حيث كنا نبقى أيام طويلة نبيت على الشاطئ وفي دار ( جدعان العبدالله ) عندما تبدأ ( الشيلكا) بالرمي علينا
لكن المطواف الافضل كان يبدأ من شرق سطمة ( مكاين مراط) حتى ماقبل مطور المطر
حيث كانت تخرج مليئة عن آخرها بسمك المشط
والذي لم يكن يلقى سوقا رائجا حيث كنا نوزعه مجانا على الناس
ننتقي الجيد والكبار من سمك المشط ونشويه على نار الجمرية كما هو واضح في المقطع المرافق
نلتقي في منشور آخر ..
كل الشكر والتقدير لأخي الأستاذ أبو رافع إبراهيم القاضي على هذا المنشور الرائع..
فقط غيرت الصورة؟؟
الصورة المرافقة من شط الفرات
هناك كانت لنا ردات لصيد السمك؟