ما رأيكم دام فضلكم

[طير شلوى]

لطالما وددتُ أن أحبس ما في نفسي من أسفٍ على رأيي الذي ظننته القاعدة فوجدته الاستثناء ؛ فأحاول أن أرغم نفسي على الاقتناع بأن كسوف الشمس هو القاعدة وإشراقها هو الاستثناء إلا أنني وجدت ذلك ضربا من الجنون فلا أجد لي معزيا إلا حديث سيد البشر حين يقول ’’ لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضبٍ لدخلتموه ‘‘
فحين أجد أن أمتنا المسلمة قد اتخذت من الغرب لها قدوة تخطو خطاهم وتسبقهم فيها فهذا هو الشيء العجاب والإثم الذي أمام ربنا فيه نُعاب.
إخواني الكرام إن ما أرمي إليه من مفتتح كلامي هو ظاهرة تزمّت الشعب العربي على تشجيع أحد فريقي كرة القدم الإسبانيين ( ريال مدريد أو برشلونة )ونصب العداء لمشجعي الفريق الآخر كما لو أنهم ينقسمون إلى (عدنانيين وقحطانيين ) وما سواهما من أمثالي هو ضالٌ لا يفقه في الرياضة والحداثة شيء.
لا.. لم أهول ولم أبالغ بكلامي فهذا هو حال مجتمعنا وكلٌ منكم لمس ذلك بل وأكثر وسأسرد لكم بعض الحوادث التي رأيتها أو أعرف أبطالها شخصيا :
*أبٌ يحرم ابنه من النوم بالبيت لأن فريق الأب خسر أمام فريق الابن
*استخدام ضمير المتكلم للفريق للفريق الذي يشجعونه وضمير المخاطب للطرف الآخر فتسمع عبارات (فزنا عليكم خسرناكم لعبتنا معاكم ........)
*طالبة تسأل أستاذها : أستاذ انتا ريالي ولّا برشاوي ؟ وكأنها قضية مبدأ
* المحلات والمطاعم وصالونات الحلاقة تسمّت باسم أحد الناديين ورسمت شعاره وتلونت بلون لباس الفريق
*صور اللاعبين وأسماؤهم والعبارات العبارات المشجعة ملأت صفوف الطلاب ومقاعدهم ودفاترهم
*عبارات ريال وبس أو برشلونة وبس على الجدران أكثر من اللوحات المرورية وأسماء الأحياء
*مباريات كرة القدم في الأحياء ينقسم فيها الفريقان لاإرادياً إلى (رياليين وبرشاوويين)
*انشغال شبكة الموبايل عند تسجيل أحد الفريقين هدف على الآخر والسبب على رأيهم( تا نجاكر الأعداء)
هذا غيض من فيض وما خفي أعظم وشر البلية ما يضحك ، فهل حُلّت جميع قضايانا وهمومنا ولم يبقَ لنا إلا أن ننتمي إلى أحد طرفين كلاهما مخطئ فيما يعتقد. أمّا أن تجعل من الريال وبرشلونة قضية العرب والمسلمين الشاغلة بدلاً من (الإسلام أو القدس أو ...أو..أو...)ونحفظ تاريخ الناديين أكثر من تاريخ الإسلام والعرب ونعرف من أسماء اللاعبين أكثر من أسماء زوجات الرسول وأصحابه وأعلام الإسلام والعروبة وندافع باستماتة عن حبنا لأحد الفريقين أكثر من دفاعنا عن قضايانا ومبادئنا وننسى حديث رسول الله ’’يُحشر المرء مع من أحب‘‘ .
نحن نحب الرياضة ونحب التشجيع الرياضي لكن هناك أولويات ؛ ولكل شيء قدره بغير زيادة ولا نقصان فنكون من الذين قال فيهم الله"محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم " لا أن نغالي في التشجيع والاعتزاز بما ليس لنا لأن(من اعتز بغير الله ذل )
أمّا أنا فكان ذلك رأيي عرضته عليكم لأستنير بآرائكم إلى سبيل الرشاد وأعرف من خلالكم ما هي القاعدة وأين يكون الاستثناء
فما رأيكم دام فضلكم