كل عام وانت خبزتي

[منى]

[frame="1 80"] كلُّ عامٍ وأنتِ "خُبْزَتي

عبد الدائم السلامي

إذا صدقتْ تنبُّؤاتِ أصحابِ مراكزِ الأبحاثِ الاقتصاديّةِ في ما أصدروا من تقاريرَ خلال الأشهر الأخيرةِ، فإنّ نصفَ سُكّانِ الأرضِ سيجتاحُهم وَباءُ المجاعةِ وغلاء أسعارِ الموادِ الأوّلية وخاصةً منها العَجينُ.

عندها ستصيرُ الخُبزةُ مُعادِلاً دَلاليًّا اسْتبدالِيًّا للحُريّةِ والكرامةِ والوطنيّةِ وباقي الأفهوماتِ التي تعيشُ على وهمِ تحقُّقِها الشعوبُ الآنَ. بل ربّما يصيرُ مطلبُ الخُبْزِ أغلى من مطلبِ الحريّةِ، يُفْتَكُّ افتِكاكًا ولا يُعْطى بالمَنِّ والأذى.

لا بل إنّ الخبزَ، هذا الذي يُرْمى الآن في سلالِ المهملاتِ، سيكون سبَبًا مباشِرًا لحروبٍ داميةٍ بين المواطِنِ وأيّامِه وبين الشعوبِ وقادَتِها وبين الدولِ الفقيرةِ والدّولِ الغنيّةِ. وقد يدخُلُ الخُبْزُ، مادّةً ومفهومًا، في حَقْلِ القداسةِ وربّما تعودُ به بعضُ الجُموعِ الجوعى إلى زمنِ التعبُّدِ، فترى الواحدَ من أفرادِها يصنعُ خُبْزَه من الطّينِ ويعبُدُه عسى يدخلُ بذلك الجنّةَ دون حِسابٍ.
***

وإذا أردنا تحريرَ حركةِ فكرتِنا نقولُ إنّه سيكون مثلاً بمستطاعِ امرأةٍ فاتَها قِطارُ الحاديةَ عشرةَ أنْ تشتريَ زوجًا لها وِفقَ مواصفاتِها الخاصّةِ برغيفٍ من الخُبْزِ البارِدِ دون ضرورةٍ لوجودِ شاهِدَيْ عدلٍ وتركبَ وإيّاهُ عربةً في قطارِ الثامنةِ مساءً وتصل بيتَ الزوجيّة قبل سِنِّ اليأسِ.

كما يمكنُ لِعاشِقٍ مثلَ مُحدِّثِكم هذا أن يُهديَ لحبيبَتِه في العيدِ ميلادِ صورةً بالألوانِ لخُبْزةٍ ناضِجَةٍ يكتُبُ عليها الخبّازُ بِسِكّينِه "كلُّ عامٍ وأنتِ خُبْزَتي". أمّا الذين يشتغلون في حقلِ اللغةِ كالشعراء والغاوين والروائيّين والزجّالينَ والقَصّاصينَ والجامعيّينَ وأصحابِ المَعاجِمِ، فإنّهم سيواجِهونَ صعوبةً كبيرةً في تصريفِ الفعلِ "خَبَزَ" في أزمنتِهم المعروفةِ. وسنقرأُ لهم، بعدَ اجتهاداتِهم ومعاناتِهم، أفعالاً مثلَ أَخْبَزَ وتَخبَّزَ واسْتَخْبَزَ وخَابَزَ وتَخابَزَ وانْخَبَزَ واخْبَزَّ واخْبازَّ وتخَبْزَزَ واخْبَوْزَزَ واخْبَوْبَزَ واخْبَزَزَّ واخبَنْزَزَ.
***

وبالإضافة إلى امتلاءِ اللغة بالفعل خَبَزَ ومشتقّاتِه، ستمتلئُ كذلك مجالاتُ السياسةِ الدوليةِ بتيمةِ الخُبْزِ، بل قد نسمعُ مثلاً بإنشاءِ صندوقِ الخبزِ الدوليّ الذي ستُوكلُ إليه مهمّةُ فضِّ نزاعاتِ الخبّازين والمخبوزين من بني آدمَ، أمّا إذا تفاقمَ وضعُ نُدرةِ العجينِ، فلا نعدِمُ ظهورَ محكمةِ الخُبْزِ الدوليّةِ التي تتكفّلُ بمحاكمةِ مُجرِمي الخُبْزِ من الزعماءِ الخُبْزِيّين الذين أبادوا قبائل وشعوبًا من أجل ابتزازِ حقوقِهم الخُبْزيّةِ.

وقد يُنْشِئُ أحدُ أثرياءِ العجينِ قناةً فضائيّةً تختصُّ بتقديمِ نشراتِ تنقُلُ على المُباشِرِ تفجيراتِ الإرهابِ الخُبْزيِّ وعدد القتلى من المُجاهِدين في سبيلِه.
اعتقد اننا وصلنا الى هذا العصر الذي يصارع المرء فيه ويقاتل من اجل ان يعيش
وما حروب الدول العظمى الا للسيطره على ثروات العالم كلها لعيش ثله من الناس على حساب اهل الكره الارضيه جميعهم
هل الحروب التي تشن الان حروب اقتصاديه ام عقائديه ام حب مجموعه من الناس السيطره والتحكم بالعالم
ام هذه سنه الكون القوي يتحكم بالضعيف ويسلبه كل شيء حتى كسره الخبز التي يعيش منها
هل سيصبح كل البشر مخبوزون ويطالبون بحقوقهم الخبزيه فقط ؟

[/frame]