أسأل الله تغييرا لما فعلت *** نامت وقد اسهرت عيني عيناها
فالليل أطول شيء حين أفقدها *** والليل أقصر شيء حين ألقاها
رفقًا بالقوارير ، فإنهن مثل العصافير ، لكل روض ريحان ، وريحان روض الدنيا النسوان ، هن شقائق الرجال ، وأمهات الأجيال ، هن الجنس اللطيف، والنوع الظريف ، يلدن العظماء ، وينجبن العلماء ، ويربين الحلماء ، وينتجن الحكماء ، المرأة عطف ، ولطف وظرف ، سبابها سراب ، وغضبها عتاب ، من وخطه المشيب، فليس له من ودهنّ نصيب ، لو جعلت لها الكنوز مهرا، وقمت على رأسها بالخدمة شهرا ، ثم رأت منك ذنبا قليلا ، قالت ما رأيت منك جميلا ، القنطار من غيرها دينار ، والدينار منها قنطار ، هي في الدنيا المتاع ، والحسن والإبداع ، وهي للرجل لباس ، وفي الحياة إيناس .
وهي الأم الحنون ، صاحبة الشجون ، خير من رثى وبكى ، وأفجع من تألم وشكى، لبنها أصدق طعام ، وحصنها أكرم مقام ، ثديها مورد الحنان ، وحشاها مهبط الإنسان ، في عينها أسرار ، وفي جفنها أخبار ، في رضاعها معاني الجود ، وفي ضمها الود المحمود ، قُبَلاتها لطفلها صلوات القلب ، وبرّ طفلها لها مرضاة الرب ، شبعها أن لا يجوع وليدها ، وجوعها أن لا يشبع وحيدها ، غياب المرأة من الحياة وأْد للسرور، واختفاؤها في مهرجان الدنيا قتل للحبور.
هي بيت الحسب والنسب ، وجامعة المثل والأدب ، ذهبٌ بلا امرأة لهب ، وجوهر بلا امرأة خشب ، تقرأ في نظراتها لغة القلوب ، وتعلم الحب من هجرها المحبوب ، وبالمرأة عرف الهجر والوصال ، والاتصال والانفصال ، والغرام والهيام ، والبراءة والاتهام ، تقتل بالنظرات ، وتخطب بالعبرات ، كلامها السحر الحلال ، ولفظها العسل السيَّال ، بسمتها ألذ من العنب والتوت ، وهي أسحر من هاروت وماروت ، وقال نسوة في المدينة ، كل مهجة فهي لنا مَدينة ، وأفضل النسوان ، الحصان الرزان ، ألفاظها أوزان ، وعقلها ميزان ، إذا تحجّبت فشمس في غمام ، وظبي في خزام ، هي رواية تترجمها الأرواح ، وهي مِسْك تذروه الرياح ، في شفتيها ألف قِصَّة ، وفي أعماقها سبعون غصَّة ،
ليلى جعلت نهار المجنون ليلاً ، وصيرت عَزَّةُ دموع كثيِّرٍ سيلاً .
ليلي وليلـى نفى نومي اختلافـهما *** في الطُّول والطَّول طوبى لي لو اعتدلا
يجود بالطُّول ليلـي كلـما بخـلت *** بالطـّول ليـلى وإن جادت به بخـلا
على شفتيها المطبقات سؤال ، وفي جفنيها مقال ، أحرف الحب صامتة على محيّاها، وقصائد الغرام حائرة على ريّاها ، حسن الشمس من حسنها ينهار ، والليل من شعرها يغار . من النساء خديجة رمز الأدب ، لها قصر في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب ، ومن النساء عائشة بنت الصديق ، صاحبة العلم والإتقان والتحقيق ، المطهرة الطاهرة ، صاحبة السجايا الباهرة ، والمحامد الظاهرة ، ومن النساء فاطمة البتول ، بنت الرسول ، أم السِبْطين ، الحسن والحسين ، سيدة نساء العالمين ، المقبولة عند رب العالمين .
ولـو أن النسـاء كمـن عرفنـا *** لفضِّـلت النساء على الرجالِ
فما التأنيـث لاسم الشمس عـيبٌ *** ولا التـذكير فخــرٌ للهـلالِ
المرأة صحيفة بيضاء ، يكتب فيها الرجل ما يشاء ، من حب وعتاب ، وغضب وسباب ، وهي روضة خضراء ، وحديقة فيحاء ، فيها من كل زوج بهيج ، ومن كل شكل فريج ، أمضى سيوفهن الحب ، يصرعن به ذا اللُّب ، الحازم معهن ضعيف ، والعاقل عندهن سخيف ، ترى الرجل يصارع الأسود ، ويقارع الجنود ، ثم تغلبه امرأة..!