الموضوع: شخصية فراتية :
عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /10-01-2011   #1

سقراط
عضو مشارك

الصورة الرمزية سقراط

سقراط غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 652
 تاريخ التسجيل : Apr 2010
 المكان : الوطن
 المشاركات : 86
 النقاط : سقراط is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 15

مزاجي:
افتراضي شخصية فراتية :

قبل ان أدخل في تفاصيل حياة هذه الشخصية سألت الكثير ممن عاش في ذاك الزمن عن خرمة فكانت بالفعل شخصية ذاع صيتها
من خلال قصائدها الحزينة التي ترثي بها الموتى
ومن يدخل في تفاصيل حياة شاعرتنا يهاجسه الحزن والألم
لانها عانت الكثير في حياتها ، لكنها بنفس الوقت
اثبتت علو كعبها وحققت مكانة مرموقة
في قلوب الكثير ممن كتب له ان يقاسمها عذوبة تلك الايام .‏

عام 1880 ولدت الشاعرة الشعبية خرمة بنت سليمان الحمد في دير العتيق بدير الزور ولم تكن شاعرتنا متعلمة وكانت تقول الشعر مقابل اجرة بسيطة وخاصة عندما كانت تدخل ا لمآتم والسبب في ذلك الفقر الذي كان يلازمها في حياتها ولشاعرتنا خرمة قصة لانها كانت كفيفة البصر . والسبب في ذلك هو ان زوجها تزوج امرأة اخرى ، وفي احد السنوات هبت على دير الزور رياح صفراء تحمل الرمد في ذراتها فعمي من عمي ، وعمش من عمش ونجا اخرون .‏

كانت خرمة قد رمدت عيناها وأصيبت بحكة حادة فجاءتها ضرتها ونصحتها بنوع من « الذرور » تضعه في عينيها وسمعت خرمة لنصيحة ضرتها التي تبطن مالا تظهر فراحت الضرة تملأها بذلك الذرور الذي تجمد في عينيها وأفقدهما البصر . لقد أشفت الضرة صدرها ولعلها تقربت بعمى خرمة إلى زوجها و أكثرلكنها كانت محط نقدها وهجائها وذمها المقذع أكثر من ثمانين عاماً ولم تنج من ذلك الذم ألا بعد وفاة خرمة ، كانت خرمة في عنفوان شبابها وفي عقدها الثالث حين رزقها الله ولدا سمته « رزوقاً » وكبر ولدها وقارب سن الشباب فاختطفته يد المنون وبموت هذا الشاب تفتقت شاعرية المرأة فرثته من سويداء قلبها وحزنت عليه ومانسيته حتى بعد أن بلغت من العمر أكثر من مائة عام ولم ترقأ عيناها العمياوان ولم تهدأ عن الحزن العميق فكانت تبكي ولدها في مآتم الناس ولكن يد القدر امتدت إليها ثانية فاختطفت أخاها « محي » ذلك الأخ الذي كان يحبها كثيراً وكانت تحب الأرض التي يمشي عليها فتضاعفت أحزانها وتكررت مصيبتها وفاضت قريحتها ، وعندما أصبحت خرمة في التسعين من عمرها باتت مريضة تلازم فراشها ، لاتجد أنيساً يبعد عنها ظلمة العمى ، تعود بذاكرتها إلى ماضيها وأيامها السابقة ، وفجأة مات أبوها . لقد امتلأت بالأحزان ، وخرمة كانت تملك تعابير جميلة في مدحها وهجائها وقد بلغت هذه المرأة من العمر عتياً عاشت قرناً وعقداً ، وهذا العمر ليس بالغريب في تلك الايام بدير العتيق فقد عاشت « حصيصة » 130 عاماً وعاش حسن الشوحان 131 عاماً وغيرهم كثير ولكن حياتها كانت حافلة بنوع لم يسبقها إليه أحد من قبلها ولم ينسج أحد على منوالها بعدها‏

وكأنها شعرت بالموت يقترب منها قبيل موتها بسويعات . وعلى فراشها استلقت على ظهرها وقرأت « سورة يس » فلما انتهت من القراءة دعت لنفسها ثم لفظت أنفاسها وذلك في عام 1910م‏

وفي مأتم خرمة وقفت ابنتهاوكانت شاعرة أدنى من أمها ولكنها كانت تقول الشعر في مآتم الأخرين وقفت لتمسك الدف لترثي والدتها التي رثت الديريين وغيرهم وقالت‏

لا اجى الحرامي من النهار و فك الكحيله من العذار‏

لا اجى الحرامي تايبوق و باق الكحيله هالبوق‏

و لابد هنا من ذكر ان الاستاذ محمد الفراتي جمع شعرها في كراس خاص لعله الى هذا الوقت موجود بين اوراقه كما كان الشيخ محمد سعيد العرفي يحب شعرها كثيراً كما كتب عنها المرحوم احمد الشوحان في كتاباته الكثيرة و تناول جوانب مضيئة من حياتها اعوام 4891- 5891 و في ختام هذه السطور لابد من تسليط الضوء على شعرها الجميل و نختار من القصيدة التي رثت بها شقيقها رزوق و تقول بها :‏

حلو رزق لو جاني يتمشى شك بحزامه ساعة و ممشه‏

يايما شجا على عينه تغشى على الروحه عزيزة ينام بالتربان‏

غراب البين جاني بشهر عيد بعد ما طاب جرحي عاد شول‏

علامك يا شهرياشين ياول تالي هالشهر خاطف الصبيان‏

غراب البين جاني بشهر عيد و اخذ مني مخاطب الحديد‏

يايما جددي حزن جديد على واحد برك من بركته ما قام‏

اما عندما سمعت خبر موت شقيقها محي قالت :‏

لالبس عالحلو شاله و اروح بزي الهباله‏

يا « محي » لا تعتب كل من ملتهي بحاله‏


( إعداد : مالك الجاسم )

منقول من جريدة الفرات












 
التوقيع - سقراط


يا دامي العينين و الكفين !
إن الليل زائل
لا غرفة التوقيف باقية
و لا زرد السلاسل !
نيرون مات ، ولم تمت روما ...
بعينيها تقاتل !
وحبوب سنبلة تجف
ستملأ الوادي سنابل ..

  رد مع اقتباس