وقفنا على قبره خاشعين
وما زال مِن دَمعِهِ في الفضاء نداء
وما زال خيطُ الدماء على وجهه راعفا
..
وما زال في عينه ضجّةٌ
كاندفاع الجيوش المسائيّ في مضرب البرق والرعدِ
والوَقْدُ في روحه ما انطفا
...
وحدَّثَني قائلاً:
بريءٌ هو الذئب من غيلتي يا مريدُ
فذئب البراري أجَلُّ من الجُرم
والبعض أخلق أن يتعلم منه الوفاءَ إذا أَنصَفا
...
وذئب البراري يغير ارتجالاً
على أي صيد يلوحُ
ومن قتلوني هنا خَططوا نصف دهرٍ
لقتلي
وهم أطلقوا النار في دفتر الواجب المدرسيّ
لِطِفْليوهم أطلقوا النار في بكرج القهوة العربية
مِن كفّ سيدتي في الصباح وفي
فرحتي بالضيوف مساءً وفي حُلُم العمر
قَبْلي
وهم أطلقوا النار
في زهرة كنت أرسمها كلما طوّق الليل
ليلي
وهم أطلقوا النار في شارع في المدينةِ
لم آته هارباً مكن مصيري
ولم آتهِ سائحاً سارحاً في الفضولِ
ولم آتهِ خائفا
...
وقارن إذا شئتَ بين الذئاب
وبين الذين أتوني من الخلفِ
فالذئب يبدو أليفاً،
أنيقَ المخالب والروحِ
حين نقارنه بالذي أطلق النار في شارعٍ
ثم أحصى ثلاثين فِضَّتِهِ ، واختفى
...
بريءٌ هو الذئب من دمعةٍ فوق كُمِّ صِغاري
وإحراق ناري
وتهجيج روحي بكل المنابذِ من كل دارٍ
إلى كل دارِ
بريءٌ هو الذئب
فلتحملوا للذئاب اعتذاري
وما أكل الذئب يوسف يوماً
ولكنّ يوسف ليس الذي يحتمي بالفرارِ
وليس الذي ينتهي راجفا
...
وقفنا على قبره خاشعين
وما زال ينزف حزناً علينا
وينزف حزناً على شكل أيامنا القادماتِ
ويرمي على قاتليهِ التهكم والذعرَ حياً وميتاً
ويحبسهم في براويزه الهازئاتِ
ويمضي إلى موته صامتاً عارفا
...
وقفنا على قبره مائلينَ
وفي قبرهِ كان ناجي العلي واقفا