عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /12-29-2011   #8

المستشار

المستشار غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 303
 تاريخ التسجيل : Jun 2009
 المشاركات : 2,376
 النقاط : المستشار is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 17

افتراضي

من أسرار عظمة هذا الدين أنه موافق للفطرة , ويعالج جميع أحوال الإنسان معالجة منطقية وواقعية تضمن إستمرار الحياة للإنسان دون إضرار أو تحميله فوق ما يطاق , ويتدرج في تحميل الإنسان للمسؤولية حسب طاقته وقدرته على التحمل ووفق ظروف الزمان والمكان .
والحديث الذي أورده بعض الأخوة عن حديث من رأى منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان .
وذكر الخيارات الثلاث أكبر دليل أن الحكم الشرعي بحق الشخص مناط بحالته وإستطاعته وهذه هي عظمة وواقعية الإسلام .
فليس هناك حكم واحد أو حالة واحدة فقط وهنا أحب أن أورد بعض الشواهد :
قال تعالى ( ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا )
لاحظوا في هذه الآية لم يطلب الله من المستضعفين المواجهة بل قال لهم : ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها , فلم يعاتبهم أو يعاقبهم على ما لايستطيعون ولا يطيقون بل حاسبهم على مايستطيعون وهو الهجرة .
شاهد آخر : قال بعض المفسرون بأن التغيير باليد الوارد في الحديث هو لولي الأمر , والتغيير باللسان للعلماء , والتغيير بالقلب لعامة المسلمين .
وقال آخرون بالتدرج في حق المسلم دون ذم بقوله أخيرا وذلك أضعف الإيمان .
الإسلام راعى ظروف الناس وإختلاف البشر وتفاوت قدراتهم وإستعداداتهم ففي الحديث المشهور حيث قبض المشركون على عمار بن ياسر وعذبوه ولم يتركوه إلا بعد أن سب الرسول وذكر آلهة الكفر بخير فلما أتى الرسول وسأله ماوراءك قال شرا يارسول الله لم يتركوني إلا بعد أن سببتك وذكرت آلهتهم بخير ’ فقال له الرسول فكيف تجد قلبك قال : مطمئنا فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : إن عادوا فعد .
أنظروا لهذا الدين العظيم ولهذا الرسول العظيم صلوات الله وسلامه عليه بأبي وأمي هو , لم يعنف عمار , ولم يتهمه بالجبن , ولا بالتخاذل ولا بقلة الإيمان بل أعطى مقياسا يمكن الرجوع إليه في كل زمان ومكان ( إن عادوا فعد )
وهناك قول لأحد العلماء يقول : قد لا نستطيع أن نقول الحق أحيانا , وقد لانستطيع قول كل الحق أحيانا أخرى , وقد نقول جزء من الحق بعض الأحيان , ولكننا لا نقول الباطل أبدا ( وربما هذا يكون صحيحا في حق العلماء ) وليس في حق عامة المسلمين لأن الرسول قال لعمار إن عادوا فعد .
ففي الإسلام رخص وعزائم يمكن الأخذ بها , وقال بعضهم أن العلماء عليهم الأخذ بالعزيمة لأنهم قدوة وقال الشيخ عبدالعزيز البدري رحمه الله ( إذا أخذ العالم بالرخصة وجهل الجاهل فكيف يعرف الحق ؟ )
البشر متفاوتون في قدراتهم وإستعداداتهم والإسلام يتسع لكل هؤلاء ولذا علينا أن نقبل الناس كما هم ونقبل منهم أضعف الإيمان ولا نطالب الناس أن يكونوا متساوين وأن يتصرفوا وفق ما نراه نحن فقد يكون ذلك لا ينسجم مع طاقاتهم وظروفهم ولا يزالوا مختلفين وللحديث بقية .











 
التوقيع - المستشار

أنا من " آل منتدى البوخابور "

  رد مع اقتباس