اليوم صباحاً و عند قدومنا إلى مكان عملنا في مديرية استثمار غاز دير الزور، و تحديداً قبل 5 كم تقريباً من مركز المديرية الواقعة في منطقة الطابية " الظهرة " استوقفنا حادث اصطدام درّاجتين آليتين.
للموت رهبة و حضور ثقيل راعني و راع كلّ من حضر عقب لحظة الاصطدام الّذي بدا عنيفاً من هول المشهد :
الساعة 45:5د من صباح يوم الجمعة ثلاث أجساد طريحة إسفلت طريق عام دير الزور بوكمال جزيرة في مدخل ناحية خشام و دراجتين آليتين على قارعة الطريق تبدو عليهما آثار اصطدام عنيف و أرغفة خبز و ذرة بيضاء ملأت ما حول الأجساد و الدرّاجات الناريّة، و جمهور من الناس من نساء و رجال ترجّلوا من سيارات كانت كما يبدو تقلّهم من قراهم باتجاه مدينة دير الزور.
وصلنا في ذلك الوقت و لم أعد أذكر من المشهد إلا منظر الأجساد و هي تسبح في دماها و آثار لحم و عظم تتناثر هنا و هناك و صوت النساء ينادين : " وين أهل الشيمة "
حُمل أحد الأجساد و رمي به في الصندوق الخلفي لإحد سيارات البيك آب و التي ظهرت فجأة، و قمت و زملائي في العمل بتحسّس الجسد الصغير فإذ هو قد فارق الحياة و لم يتجاوز عمره السادسة عشر بعدما و قد قام أحدهم بتفتيش محفظته ليستدلّ عما يمكن يدلّ على نسبه و أهله لإخبارهم بمصابهم فعرفنا أنّه من قرية مظلوم القريبة من موقع الحادث .
التفت للجسد الثالث و إذا به رجل في عقده الرابع كما بدا ينازع الهواء و الدم يتغرغر في فمه و من حوله الجمع حائر لم يقدروا على إقناع إحد السيارات الراكنة حول المكان بأن تسرع به إسعافاً، تصوّروا !
فاستشطت غيظاً و بدأت بصراخ لم أعهد نفسي مُلقيه حتّى قام سائق سيارتنا بالتلبية متثاقلاً و حملنا الجسم و أسرعنا به غرباً فوصلنا به مشفى الفرات و إذ به قد فارقت روحه جسده رحمه الله.
أكلمنا طريقنا للعمل و أنا أسأل نفسي كيف :
* يمكن لك أن ترى جسداً ينزع و تقف أمامه عاجزاً كأنّك مخلوق آخر أو بهيمة و لا تحرك له ساكناً على الأقل أن توقف له سيارة، كيف ؟
* يمكن لك يا صاحب السيارة أن تجزع من حمل ما تبقى من أجزاء الرجل خشية على نظافة سيارتك أو خوفاً من أن تُبلى به اعتقاد في ظل حجة الوضع الأمني الحاصل، كيف ؟
علينا مراجعة أنفسنا أيّها الأخوة لأنّنا قد نُفلس من بلح البصرة و عنب الشآم بعدم تمسكنا لا بعادات العرب و بإيماننا و لا اعتقادنا بأن المؤمن أخو المؤمن
و الله اليوم حدثت بالأمر أحد أعضاء المنتدى و استحيت أن أروي له كل المشهد و قد خجلت أيّما خجل أنّ في بلادي من يخشى إسعاف المُصابين .
اللهم إنّا نسألك العفو و العافيّة و السلامة ...