الموضوع: يستحي من النهر
عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /12-10-2010   #1

الدكتور عياد خيرالله

الدكتور عياد خيرالله غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 888
 تاريخ التسجيل : Sep 2010
 الجنس : ~ MALE/FE-MALE ~
 المشاركات : 23
 النقاط : الدكتور عياد خيرالله is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 0

مزاجي:
افتراضي يستحي من النهر

يستحيي من النهر

جاء في قصص بني إسرائيل عن كعب الأحبار. أن رجلاً من بني إسرائيل أتى فاحشة فدخل نهراً يغتسل فيه، فناداه الماء: يا: فلان .. ألا تستحي .. ألم تتب من هذا الذنب ..؟ فقلت إنك لا تعود فيه .. ؟ فخرج من الماء فزعاً وهو يقول: لا أعصي الله ، فأتى جبلاً فيه اثنا عشر رجلاً يعبدون الله ، فلم يزل معهم حتى تخطوا موضعهم ، فنزلوا يطلبون الكلأ، فمروا على ذلك النهر، فقال الرجل: أما أنا فلست بذاهب معكم ..، قالوا له: لمَ ؟ قال: لأن ثمّ من قد اطلع مني على خطيئةٍ ، فأنا أستحيي منه أن يراني ، فتركوه ومضوا، فناداهم النهر: يا أيها العبّاد ..! ما فعل صاحبكم ؟ قالوا: زعم لنا أن هاهنا من قد اطّلع منه على خطيئةٍ فهو يستحيي منه أن يراه، قال: يا سبحان الله! إن بعضكم ليغضب على ولده أو على قراباته، فإذا تاب ورجع إلى ما يحب أحبه، وإن صاحبكم قد تاب ورجع إلى ما أحب فأنا أحبه، فأتوه فأخبروه ، واعبدوا الله على شاطئي .. فأخبروه فجاء معهم فأقاموا يعبدون الله زماناً، ثم إن صاحب الفاحشة توفي، فناداهم النهر: يا أيها العبّاد والعبيد الزهاد ..! غسّلوه من مائي ، وادفنوه على شاطئي حتى يبعث يوم القيامة من قربي، ففعلوا به ذلك، وقالوا: نبيت ليلتنا هذه على قبره نبكي، فإذا أصبحنا سرنا، فباتوا على قبره يبكون، فلما جاء وجه السحر غشيهم النعاس، فأصبحوا وقد أنبت الله على قبره اثنتي عشرة سروة، فكان أول سروٍ أنبته الله تعالى على وجه الأرض، فقالوا: ما أنبت هذا الشجر في هذا المكان إلا وقد أحب عبادتنا فيه، فأقاموا يعبدون الله على قبره، كلما مات منهم رجلٌ دفنوه إلى جانبه حتى ماتوا أجمعهم ، قال كعب: فكانت بنو إسرائيل يحجون إلى قبورهم...
هذه القصة من قصص بني إسرائيل ؛ نسمعها للموعظة ، وإذا كان شرعنا الإسلامي لا يلزمنا بتصديقها أو تكذيبها .. لكنني أجد فيها مناسبة للتأمل والاعتبار ، هذا التائب من الذنب خاف الله تعالى ، وصحح توبته لأنه سمع النهر يلومه ، أو هكذا تهيأ له .. وقد ظهرت نتائج توبته في الدنيا قبل الآخرة... ولا أريد أن أخوض في تفاصيل القصة لأعود إلى ما صح من هدي ديننا الحنيف فقد قال تعالى : (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد إذ يتلقى الملتقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) فالإنسان الذي يستشعر هذه الحالة ؛ فيجعل في ذاته رقابة داخلية تحثه على أداء الواجب ، وتمنعه من الزلل ، يكون مؤمنا حقا ، وهو بذلك مواطن صالح يعمل لخير الأمة ، يبني الوطن بصدق وأمانة ، ولا يحمل معول الهدم والفساد ، ولا تغلبه نفسه ليجمع المال من حله وحرامه ؛ لأنه يعلم أنه مسؤول لا محالة أمام من لا تخفى عليه خافية ( الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) فهو يراقب الله تعالى ولا يراقب الخلق أو القانون ، وهل هناك أفضل وأحكم من هذه المراقبة ، جاء في الحديث الشريف : ( لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عمره فيما أفناه، وماله من أين اكتسبه، وفيما أنفقه، وعن علمه ما عمل فيه ) المؤمن بالله الذي يعرف حقا أن هناك آخرة يؤول إليها الناس جميعا.. ولا محالة من السؤال عن أموره الأربع التي ذكرها الحديث ، كيف يسرق ..؟ كيف يأكل أموال الناس ظلما ..؟ كيف يرتشي ..؟ كيف يخون الأمانة ..؟ هل تنفعه الأعذار والحيل.. ؟ عند من يعلم السر وأخفى .. أرأيتم إخوتي كم هو الإيمان بالله تعالى عظيم ..! أرأيتم كم هو ضرورة ملحة في إصلاح الفرد والمجتمع ، وما تبوأت أمتنا قمم المجد والسؤدد إلا عندما تسلح أبناؤها بهذه القيم ، وتمثلوها في حياتهم سلوكا وخلقا ومعاملة ، هنيئا لمن كان في نفسه وازع إيماني يمنعه من الزلل ويقوده إلى الصلاح والفلاح والنجاح

إِذا ما خَلَوتَ الدَهرَ يَوماً فَلا تَقُل خَلَوتُ وَلَكِن قُل عَلَيَّ رَقيبُ
وَلا تَحسَبَنَّ اللَهَ يُغفِلُ ما مَضى وَلا أَنَّ ما يَخفى عَلَيهِ يَغيبُ
الدكتور عياد خيرالله








التعديل الأخير تم بواسطة ابوعبدالله ; 12-10-2010 الساعة 09:56 PM
  رد مع اقتباس