عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /05-21-2010   #6

مها

مها غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 690
 تاريخ التسجيل : May 2010
 المشاركات : 121
 النقاط : مها is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 15

افتراضي بدر ..الشاعر المتمرد...





بدر شاكر السياب الشاعر المتمرد



إذا أردنا أن نستعرض مسيرة الشعر العربي المعاصر. لا بدّ لنا أن نتوقف طويلاً عند الشاعر بد شاكر السياب لأنه إحدى أهمّ العلامات البارزة في الشعر العربي المعاصر, وأحد أهم روّاد حركة التجديد في نسق الشعر العربي الذي بقي قروناً أسير العروض والأوزان العربية لا يزيح عنها قيد أنملة. وكانت مغايرة كبيرة أن يخرج عن هذه القواعد الصارمة التي قعَّدها الخليل بن أحمد الفراهيدي فوضع لها الأوزان والبحور والتفعيلات. إنَّ كثيراً من الدراسات والمناقشات التي جرت على أعمدة الكتب والصحف العربية تعتبره رائداً لحركة التجديد في القصيدة العربية, واتباع نظام التفعيلة في القصيدة والخروج عن نظام البيت والشطر والقافية.

إلاّ أنَّ السياب يعترف بإرهاصات سبقته في هذا المجال على يد الشاعر علي أحمد باكثير وغيره, ولسنا هنا بصدد الخوض في غمار هذه التجربة ولا دراسة شعر السياب. فلا أعتقد أن شاعراً حظي بالدراسات التي ولجت عالمه الشعري وخفايا حياته ودقائقها كالسياب. فقد كان له الحظ الأوفر في مثل هذه الدراسات ومن قبل كبار الدارسين كالدكتور إحسان عباس. إلا أنني أرى أن السياب كان متقلباً في حياته تتقاذفه التيارات والعواصف التي اعترضت مسيرته الشعرية والحياتية, ولقد كان لها الأثر الواضح في شعره. حيث تنقل من قريته "جيكور" إلى بغداد للدراسة في دار المعلمين التي اختارها لأنَّ الدراسة فيها كانت مجانية حيث لم تكن باستطاعة عائلته التي تتكفل بدراسته في مكان آخر.

وتنقل بعدها إلى الرمادي والبصرة بسبب الوظيفة. وكانت بغداد أثناء دراسته تمور بالنشاطات الأدبية في المقاهي والنوادي والصحف. وقد وجد نفسه عضواً في جماعة أدبية وشارك في احتفالاتها ونشاطها. وخارج هذه الحلقة كان يتردد برفقة صديقه الشاعر "خالد الشواف" إلى جمعية "الشباب المسلمين" رغم أنه كان ينتمي إلى الحزب الشيوعي. وقد دخل السجن بسبب هذا الانتماء في عهد حكومة "نوري السعيد" وفصل عن العمل ومنع من التدريس عشر سنوات. منذ طفولته عانى السياب الكثير من صروف الحياة التي لم ترحمه حتَّى آخر أيامه. إذ فقد أمَّه وهو في السادسة من عمره, أمه التي تمثل له الحضن الدافئ الذي لم يعثر عليه إلا في حضن جدته لأبيه. وبعد فترة وجيزة من وفاة والدته تزوج والده من امرأة استأثرت به وأخذته ليعيشا حياتهما الخاصة بعيداً عن عائلة السياب. ممَّا حدا ببدر أن ينتقل إلى بيت جده "عبد الجبار" الموسر الذي يملك الكثير من شجر النخيل والذي ابتنى لنفسه داراً من اللبن تضم خمس عشرة غرفة, كما بنى داراً للعاملين في بيارات النخيل, تلك الدار التي أطلق عليها بدر "منزل الأقنان" فيما بعد. وحين انتقل للدراسة الثانوية وفي العام الدراسي الأخير والذي تفتحت فيه موهبته الشعرية رغم دراسته العلمية التي اختارها بنفسه وبعد تخرجه فوجئ بموت جدته التي كانت بمثابة أمه. ويتلفت حواليه فلا يجد أمه الحبيبة ولا أباه الذي أضاعه وقد فجع أخيراً بجدته. ولم يعد له أية علاقة إلا "جيكور" قريته التي ارتبط بترابها ونخيلها وبقية حبٍ يربطه بـ"رفيقة" إحدى بنات عمومته التي ملكت حضوراً في بعض قصائده.

والدارس لشعر بدر شاكر السياب يلاحظ أنه مرَّ بثلاث مراحل هامة في مسيرته الشعرية كما أرى, وهذه المراحل تبدأ ببواكيره الشعرية والتي تميز بالجمع بين الفطرة والثقافة التي تعبر عن تراث عريق ونزعة أصيلة في النفس العربية. كما تنتهي في آخر أيام حياته وبخاصة وهو على سرير المرض بتلك البساطة والعفوية والفطرية. أمَّا المرحلة المتوسطة فهي المرحلة التي تأثر فيها بدر بالآداب الأجنبية حيث اطلع على الأدب الإنكليزي فتأثر به كما استأثر بالرمز واتجه إلى الأسطورة والخرافة. فهذه المراحل الثلاث تمثل خطاً بيانياً يبدأ بالقاعدة الفطرية ويصعد إلى قمة التجربة في المرحلة الثانية ويهبط في المرحلة الثالثة إلى القاعدة مرة أخرى ولكل مرحلة مبرراتها ودوافعها.















 
التوقيع - مها

لا إله إلا الله عدد ما كان
لا إله إلا الله عدد ما يكون
لا إله إلا الله عدد الحبات و السكون

'اللهم إني أسالك إيمانا دائما وأسألك قلبا خاشعا وأسألك علما نافعا
وأسألك يقينا صادقا وأسألك دينا قيما وأسألك العافية من كل بلية'
سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ

  رد مع اقتباس