لجنة سباعية
لم أستطع النوم بعد صلاة الفجر هذا اليوم .
جلست أتقلب في فراشي , فقد تذكرت ما مر به الأخ محمود المشعان من ضغوط والمشكلة التي واجهها خلال الأيام الماضية , وشعوره بالإجحاف بحقه , ووقوفه وحيدا في مواجهة الموقف , وشعوره بعدم وجود جهة أو شخص خارج النطاق الرسمي والقانوني يمكن اللجوء إليه للتدخل لحل المشكلة .
وتذكرت النقاش الذي دار بيني وبين منى حول الموضوع وتذكرنا الفراغ الذي تركه وفاة وجهاء وشيوخ وعوارف البوخابور أمثال حاج حمود الخزام رحمه الله , والشيخ يونس العبد السلامة رحمه الله وأنه لوكان حاج حمود حيا لأمكن اللجوء إليه ولكان بإمكانه حل هذه المشكلة .
وتذكرت تخاطر الأفكار العجيب بيننا وبين الأخ ابو عمر حول نفس الموضوع عندما كنت أتحدث معه بالهاتف حيث ردد حرفياالآتي " وقفت عاجزا لاحول ولا قوة لي أمام المحكمة , حائرا ماذا أعمل وقلت لنفسي وينك ياحاج حمود الخزام لوكان موجودا لكان بالإمكان اللجوء إليه و حل هذه المشكلة "
وهذا بالضبط الفكرة التي كنت أتناقش بها مع منى قبل محادثتي مع الأخ أبو عمر .
جلست أفكر في حل المنازعات عبر الإجراءات القانونية , وتذكرت المحاكم , وطول الإجراءات القانونية التي تأخذ سنين في أبسط المسائل , والتكاليف الباهظة لأتعاب المحاماة , وما يترتب على طول الإجراءات ولجوء بعض الأطراف لأخذ ما يظنه حقا بيده دون إنتظار حكم القضاء , وما يترتب على ذلك من ردود أفعال سلبية , وإشكالات وجرائم .
تسائلت : لماذا لا يكون لدى البوخابور مرجع يلجأون إليه لحل منازعاتهم خارج النطاق الرسمي يرجعون إليه بمحض إرادتهم كما كانوا في السابق ؟
قد يقول قائل أن الحاج حمود الخزام , ويونس العبد السلامة إنتقلا إلى رحمة الله ولا يوجد الآن شخص بمواصفاتهم يمكن أن يقوم بدورهم .
وقد يقول قائل الزمان تغير , والمفاهيم تغيرت , والمجتمع تغير , وأفكار الناس وشخصياتهم تغيرت ولم يعد مقبولا اللجوء لفرد كائنا من كان للعب هذا الدور , وأن دور تقديس الأفراد قد إنتهى , وحتى لو كان حاج حمود حيا فإنه لن يستطيع لعب نفس الدور الذي كان يؤديه في السابق .
وقد يكون هذا التحليل له وعليه .
ولكن دور المجتمع المدني ووجهة نظر الجمهور والرأي العام لها دور حتى في النظام القضائي , وتذكرت أنه في بعض الدول يوجد في المحاكم ما يسمى " نظام المحلفين " حيث تعين المحكمة مجموعة من الأشخاص يحضرون المحاكمة ويستمعون لتوضيحات المحكمة وما يقوله المدعي ومحاميه ,والمدعى عليه ومحاميه , وعلى أقوال الشهود ويتداولون حول ذلك بإعطاء رأي للمحكمة تأخذ به بأن الشخص المتهم " مذنب " او " غير مذنب "
هذا جعلني أفكر : لماذا لا يكون لدى البوخابور لجنة مكونة من 7 أشخاص تسمى " لجنة الحكماء " او " اللجنة السباعية " او " لجنة إصلاح ذات البين " يتم إختيارهم من الشخصيات التي تحظى بإحترام أبناء العشيرة , ومن أصحاب التاريخ والسيرة العطرة , ومن أصحاب الثقافة والرأي , يتصدون لحل الخلافات بين أبناء العشيرة قبل أن تستفحل ؟
وليس بالضرورة أن تختار هذه اللجنة ( اقصد بدون إنتخاب لصعوبة ذلك ) فيمكن أن يتبرع بعض الأشخاص للقيام بهذه المهمة النبيلة ممن يجدون في أنفسهم الإستعداد والقدرة , ويمكن أن يقوم منتدى البوخابور بترشيح من يرى أنهم أهل لذلك بالتشاور مع أهل الرأي .
وعلى علمي ان نواة هذه اللجنة موجودة في الواقع وهناك من يقوم بهذا الدور فعليا فالأستاذين الفاضلين علي الحسين الفندي وعلي الحسين العلي الحجي يقومون بدور إصلاح ذات البين قدر إستطاعتهم وبمبادرة فردية منهم ندعو الله أن يجعله في موازين أعمالهم , فلماذا لا يضاف لهم خمسة أعضاء آخرين ويتصدون لهذه المهمة العظيمة ؟
تذكرت الخلاف الذي جرى بين القبائل عند إعادة بناء الكعبة المشرفة وإختلفوا على من يكون له شرف رفع الحجر الأسود , وكاد الخلاف يؤدي إلى القتال حتى إتفقوا أن يحكموا أول داخل عليهم وكان الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فقام عليه الصلاة والسلام بوضع الحجر الأسود على ردائه وأمر كل رئيس قبيلة أن يحمل أحد أطراف الرداء وقام هو بيده الشريفة بوضع الحجر الأسود مكانه .
فليكن جميع أطراف العشيرة ممثلين في هذه اللجنة .
فكرة أولية أطرحها على أخواني في المنتدى للحوار .