عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /03-17-2010   #1

منى

منى غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 205
 تاريخ التسجيل : Apr 2009
 المكان : espana
 المشاركات : 2,447
 النقاط : منى is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 17

افتراضي خواطر في فنجان قهوه

[frame="6 80"]

في الحديقةِ العامَّةِ التي تختنِقُ بالغارقين في اليأسِ ، العاطِلينَِ عن الحبِّ والعمل ، وسَائِر الأشياءِ التي تجعلُ منهُم بشراً ، كانَ يمارسُ طقوسَ المرارةِ الصَّباحيَّةِ داخلَ فنجانِ قهوة !

كانَ على بُعدِ خُطوةٍ من إدراكِ العلاقةِ بين مرارةِ القَهوةِ والحياةِ حينَ راودته تلكَ التي تقرأُ خبايا الفناجينِ عن آخرِ ما تبقَّى في جيبِه !

ولأنَّه كان جاهلاً بتراتيلِ البُنِّ تراكمت الأسئلةُ في ذهنِه دفعةً واحدةً

هل بإمكانِ الشِّفاهِ أَنْ تُلملِمَ كل ما تبقَّى من إنسانٍ وتكتُبَه على حافَّةِ فنجانٍ لتقرأَهُ امرأةٌ أغلبُ الظَّن أنَّها لا تجيدُ قراءَة الحُروف ؟!

هل بإمكانِ الأحلامِ التي شَاختْ من كثرةِ الإنتظارِ أَنْ تتآمرَ على سجَّانِها وتتسلل عبر فنجان القَهوة ؟!


في غمرةِ هذيانِ الأسئلةِ التي كانتْ تقرَعُ بابَ الإجابةِ بأناملِ القهوةِ كانَ لا بُدَّ أن يقامرَ بما تبقَّى لديه من قدرةٍ على الإحتفاظِ بالأشياءِ التي تأكله من الداخِل ، وفي لحظةِ رغبةٍ عارمةٍ في استراقِِ السَّمعِ لخبايَا الروحِ على لسانِ البُنِّ أٍسلمها الفنجان

نظرتْ في الفنجانِ ثمَّ في عينيهِ وكأنَّها تقولُ خُذْ فنجانكَ عنِّي ، ولكنَّ تاريخَ الغجرِ لم يُسجَّل من قبل أنَّ غجريةً انسحبتْ مِنُ سمفونية البن قبل إتمام مراسيم الاحتفال فقالتْ له : سأقرأُ عليكَ مزاميرَ الطِّفلِ الذي نسيتَ أَنْ تصطَحبَه معكَ حينَ كبرتَ ! والوطنُ الذي لم تلتقِ به بعد ! سَأدُلكَ من أينَ تنبعثُ رائِحةُ الحبرِ والدَّمعِ فيك ، وسأخبرك عن امرأةٍ أردت ان تقتلها ، فوجدتها صبيحة اليومِ التالي معلقةً على سياج نبضك !
ولكنَّك ستقسِمُ لي بعدها بحقِّ القَهوةِ التي جمعتنا أنَّك لنْ تسمحَ لغجريةٍ بعدي أنْ تقرا فنجانك !

كَتبتْ شفتاكَ أنَّكَ كبرتَ غير أنَّ طفلاً التقيتَ به منذ ستةٍ وعشرينَ عاماً نسيَ أَنْ يكبرَ معكَ ... ما زالَ في الرابعةِ بعد ! أضِفْ عمرَهُ إلى عمركَ يكنْ الحاصِلُ أنتَ !

أراه يهربُ من عِقابِ أُمِّه – التي نهته أنْ يقربَ إبريقَ الشَّاي السَّاخنِ ولكنّه طالبَ بحقِّهِ في الإلتساع – إلى القَمحِ في حضنِ جدِّه ثم يغلق باب السَّنابل دونَه ويغفو .

وحينَ استنفذَ كلَّ قمحٍ قادرٍ على إيوائِه وجدَ جدَّه صبيحةَ اليوم التَّالي نائِماً دونَ سُعالٍ على غير عادةٍ فقبَّله على عَجَلٍ بسذاجَةِ الأَطفالِ الذين لا يعرفونَ معنى القُلبةِ الأخيرة !

ولأنَّ جدَّه أحبَّه كثيراً فتحتْ له جدتُه القلبَ على مِصراعَيهِ ، وشرعتْ أمامَه نوافذ الحنين ، وقصَّت عليه حكايا التنور رغيفاً رغيفاً ، وقاسمته خبز المنفى وقالت له : اعرف من شئتَ ولكنْ لا تحبنَّ امرأةً سِواي .

غيرَ أَنَّ قلبَ الرَّجلِ فيكَ انقلبَ على قلبِ الطفلِ فيه وقررَ أن يخون !

وكَبرتَ وأحببتَ امرأةً عثرتَ عليها ذاتَ صباحٍ تبكي ... فتآمر الدَّمعُ والكُحلُ في عينيها عليكَ ! ولما صار حبها أكبر منكَ قررتَ أنْ تقتلها... كم كنتَ أحمقاً إذ اعتقدتَ أنَّكَ بالكلماتِ يمكنكَ أنْ تقتلَ امرأةً ، فقد أخبرتكَ ذاتَ دمعٍ أيضاً أنَّها لا تريدُ الرَّحيلَ غيرَ أَنَّ العيونَ السُّود يملكُها من يدفعُ أكثر ! وأَنتَ لا تملكُ سِوى مهرِ قراءَةِ فنجَان !

كتبتْ شفتاكَ أنَّكَ طَاعِنٌ في الحياةِ والموتِ ، مُتَّ قبلَ أَنْ تُولدَ فالذين يُولدون بلا وطن يولدون في كفن !

خذْ فنجانكَ عني فبعدكَ حَرامٌ عليَّ قراءَةُ الفنَاجِين

[/frame]












 
التوقيع - منى

[frame="8 80"]
لن ينكسر قارب الحياة على

صخرة اليأس مادام هناك

مجداف اسمه الأمل
[/frame]

  رد مع اقتباس