و الله لم أعرف بالضبط عمّي المستشار من أين لي أن أبدأ و بأي الصور يجب أن أظهر في هذا الموضوع .
إنّي أعترف لك بأنّ ما سقته من أفكار تكاد تصيب الواحد منّا مقتلاً و أنت عن هذا ببعيد ، و أزيد فيها أنّني يوماً عن يوم أستفيد من أفكاراك النيّرة و المعطاءة سيدي .
أذكر منك في إحدى النقاشات طلبت إلينا أن نتمتع بقدر من البرغماتية و أن نكون أكثر قدرة على محاكاة الواقع .
ليست تهمة أو عار أن نكون سوداويين أو بيضاويين للغاية ، لكنّني بحقّ أفضل أن أكون كذلك على أن أكون رماديّاً تائهاً كوني لغاية الآن لم تسنح لي فرصة لتعلــّم الرمادية أو بالأحرى كيفيّة المزاوجة بين اللونين المطلقين " الأسود و الأبيض " والحصول على الموقف الملائم و المناسب .
فهل الواقعيّة الّتي تقصدها فعلاً هي تلك النظرة العارفة للإمكانيات الحقيقية والمستفيدة من الممكن و المتاح و البناء على ما توفّر منها لنتمكن هنا بالتحديد من تقمّص الدور الملائم و الحديث عن واقعيّة و برغماتيّة إيجابيّة تحفظ القدر المتاح من المكتسبات من حقوق و قيم متأصّلة فينا والتي قد تشير لها أبيات أبي فراس و المتنبي ؟
أحسب أنّي قد وعيت ما أردت عمّي المستشار ، لكن السؤال الأهم هل نستطيع اكتساب الواقعيّة بالتجريب و التطبيق العملي أم بقراءة نص معبّر أو أفكار سديدة كالّتي سقتها قبلاً ؟