عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /09-29-2010   #4

المستشار

المستشار غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 303
 تاريخ التسجيل : Jun 2009
 المشاركات : 2,376
 النقاط : المستشار is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 17

افتراضي بكثير من الحكمة والتعقل والواقعية

من أصعب الأمور في هذا الزمن هو تربية الأبناء لماذا ؟
في الماضي كانت القيم السائدة في المجتمع واحدة , بغض النظر عن صحتها أو خطئها .
فالطفل أو الشاب أينما وجد في البيت أو الشارع أو المدرسة فإنه يتعامل مع نفس المفاهيم والرؤئ والقيم .
ثم إن المجتمع في الماضي كان بشكل عام متجانسا إلى حد ما في السلوك العام , أقصد في الحياة العامة , ولذا فإن الأطفال والشباب والذين يحبون التقليد , وخاصة لمن يعتبرونهم قدوة ولذلك تنشأ عندهم مفاهيم موحدة عن الخطأ والصواب والصورة المثالية ( القدوة ) في نظرهم هو نموذج موحد , ولذلك لم يكن في الماضي صعوبة في تربية الأبناء لعدم وجود مفاهيم مختلفة في عالمهم في البيت والمدرسة والشارع والعائلة ,,,الخ
ولكننا اليوم وللأسف نعيش في عالم عجيب , وغير متجانس , وتوجد جميع أطياف المنطلقات في كل مكان فلا نجد التجانس على نطاق البيت , ولا يوجد تجانس على نطاق الأسرة , ولا يوجد تجانس بين الأسرة والمدرسة , ولا يوجد تطابق بين مفاهيم البيت والشارع , ولايوجد تجانس بين مدينة ومدينة أخرى , ولا يوجد سمة عامة في القطر الواحد , ولايوجد تقارب بين مفاهيم منطقة ومنطقة أخرى في العالم ولا بين قارة وقارة .
ثم إن إنفتاح العالم وتيسر سبل السفر والتواصل , وهذا الإنفجار الثقافي والإعلامي , وإنتشار مفاهيم الحضارات المختلفة في كل مكان من العالم .
كل هذا يجعل الشاب يتلقى كما هائلا من المفاهيم والقيم المختلفة بحيث يصعب عليه التمييز بين الصالح والطالح منها ,
مع ملاحظة أن دور الأب والأم ودور البيت بدأ يتقلص لصالح دور المدرسة والشارع , ولصالح دور التلفاز والإنترنت والكتاب والمجلة والصحيفة وتلك الوسائل يملكها ويسيطر عليها الأقوياء الذين تحركهم المصالح وليس القيم .
كل هذا يجعلنا نشعر بالشفقة على الآباء والأمهات ونتعاطف معهم في صعوبة تربية أبناء هذا الجيل .
وهذا أيضا يدفعنا للتعاطف مع أبناء هذا الجيل من الشباب لعظم التحديات التي يواجهونها , والتي تضغط عليهم في هذا الإتجاه أو ذاك , كما أن مشاعر الإحباط لدى هذا الجيل كبيرة جدا ويواجهونها في سن مبكر وذلك بكبر حجم المنافسة وعدم وجود ضمانات لعيش كريم في المستقبل وغياب العدالة الإجتماعية ......الخ .
كل هذا يحتم علينا أن نفكر بعمق بطريقة التعامل مع أولادنا وتحديد أولوياتنا في التعامل معهم والإبتعاد عن الطرق التقليدية في التوجيه وخاصة طريقة الضغط والإملاءات , والتوجيه المباشر بإستخدام أفعال الأمر كإفعل كذا , ولا تفعل كذا ...
كما أن علينا الصبر والتدريج وكثير من الحكمة والتعقل والإتصاف بالواقعية وتجنب المثاليات والحدية وأن لا نتصور بأن أبنائنا يجب أن يكونوا ملائكة .
وإذا أخذنا موضوع التدخين مثلا , مع أنني لا أقلل من خطر التدخين , ولكنني أرى أن التدخين هو مظهر من أحد مظاهر مشاكل قد تكون خلفه أشد ضراوة وفتكا بالشباب , وقد لا يكون التعامل مع ظاهرة التدخين بشكل منفصل على أنها الطامة الكبرى .
برأيي أن المشكلة هي مشكلة مجتمع , مشكلة توحيد القيم , مشكلة مبادئ مشتركة ,مشكلة عدالة , مشكلة حرية ولذا فهي مشاكل ليست فردية , تخص فردا أو عائلة يتم علاجها بصورة منفصلة .
ولذا فإنه رغم عظم دور الأب والأم والأسرة فإن نسبة نجاح دورهم منفردين في تصحيح تلك الظواهر يظل محدودا ونسبة الذين ينجحون قليلة جدا إذا ما قيست بنسبة الذين يفشلون .
نحن نعيش حقيقة في عصر العولمة , ولذا فإن الوسائل للتعامل مع أي مشكلة يجب أن تكون من هذا المنظور , وبوسائل مماثلة وهذا يوضح لنا حجم التحدي , فدعوات الإصلاح والعودة للقيم الصحيحة هي في أحسن أحوالها دعوات محدودة ونظرية بينما دعوات العولمة وقيم العولمة وراءها مؤسسات ودراسات وإمكانات مادية وسياسية هائلة .
لأ أريد تثبيط الهمم ولكن أود رفع مستوى التفكير وتوضيح حجم الجهد المطلوب ليتناسب مع حجم التحدي .
وكلمة أخيرة : يجب أن لا نفقد ثقتنا بالله , فالله غالب على أمره ولو كره المشركون .
وأجدد أملي وثقتي في جيل المستقبل بأنه سيتمكن من مواجهة التحديات , فأبناء هذا الجيل على عكس ما يظن البعض ففيهم الخير الكثير وبوادر الصحوة ظاهرة للمراقب الذي يدقق في عمق الأشياء , وإن كثرة المعروض على هذا الجيل يعطيهم الفرصة ولو بعد حين لتمييز الصالح من الطالح والمستقبل لهذه الأمة بكل تأكيد .












 
التوقيع - المستشار

أنا من " آل منتدى البوخابور "


التعديل الأخير تم بواسطة المستشار ; 09-29-2010 الساعة 11:17 PM
  رد مع اقتباس